أثارت
الزيارة التي قام بها زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، إلى دولة قطر،
سجالاً واسعاً في تونس، لا سيما بين النخب السياسية و الإعلامية التونسية
التي تساءلت عن الأهداف من هذه الزيارة, خصوصاً وأنها تعد أول محطة خارجية
لزعيم حركة النهضة، بعد أقل من أسبوعين على فوزها في انتخابات المجلس
التأسيسي.
وفي حين اعتبر نور الدين البحيري، الناطق الرسمي باسم
النهضة، بحسب صحف تونسية، أن الزيارة التي يقوم بها الغنوشي إلى قطر هي
زيارة خاصة؛ قال محللون سياسيون إن اختيار الغنوشي لقطر كأول دولة يزورها
بعد انتصار حزبه، تحمل أكثر من رسالة.
وقال أحد المحللين
الاستراتيجيين لراديو "كلمة" التونسي، إن الغنوشي أراد أن يرسل من الدوحة
رسائل متعددة العناوين، حيث قام بطمأنة الخليجيين بأن حركة النهضة ستقطع مع
النموذج الحداثي العلماني، وستحرص على صياغة دستور إسلامي، حسب تصريحه
لوكالة الانباء القطرية.
وأعرب عن تخوفه من حصول ترتيب معين
للمستقبل السياسي في البلاد، خصوصاً أمام تنامي الدور القطري الذي يقوم به
نيابة عن دول قد يثير تدخلها المباشر حساسية الشارع التونسي.
وأشارت
المحللة السياسية آسيا العتروس، في تصريح لصحيفة "ميدل إيست أونلاين"، إلى
أنه "إذا كان الغنوشي برر أهداف الزيارة برغبته في دعم المشاريع التنموية
بين قطر وتونس خلال المرحلة القادمة، ليمنح زيارته إلى قطر بعداً
اقتصادياً؛ فإن ما حملته تصريحاته في الدوحة منحت الحدث أكثر من بعد سياسي
واستراتيجي".
وأضافت أن تصريحات الغنوشي من الدوحة تثير الكثير من
الجدل، خاصة أنه أكد على أنه "سيدرج في الدستور الجديد، الذي سيصيغه المجلس
التأسيسي، أن تونس دولة عربية مسلمة، وأننا في تونس لا نحتاج إلى
العلمانية من أجل التسامح والتعددية والديمقراطية، وأن العلمانية
والديمقراطية ليستا قرينتين لا تنفصلان، فهناك دول علمانية دكتاتورية".
وصرح
نزار سعيد، أستاذ العلوم السياسية، لذات الصحيفة، بأن "اختيار الغنوشي
لقطر في أول زيارة له خارج تونس، يؤكد أن هناك ترتيبات ما".
وأضاف:
"نحن نعلم أن قطر تعمل جاهدة لتلعب دوراً إقليمياً بل ودولياً، فقد ساعدت
الثوار في ليبيا وتساعد حركة حماس، بل وتساعد حزب الله، وفي نفس الوقت
تحافظ على علاقات جيدة مع تل أبيب وواشنطن".
وتابع سعيد: "الأكيد أن
رئيس حركة النهضة ذهب من أجل الحصول على الدعم المادي والسياسي، ولكن
الأخطر من ذلك ربما ذهب لطمأنة واشنطن انطلاقاً من الدوحة التي تحتضن
القواعد العسكرية الأميركية، بأن تونس الجديدة كما تريدها النهضة ستكون
حريصة على علاقات جيدة مع الأميركيين".