انقسمت
القوى السياسية في مصر حول وثيقة المبادئ الأساسية للدستور، التي طرحها
الدكتور علي السلمي، نائب رئيس الوزراء، على ممثلي الأحزاب والشخصيات
العامة، خلال اجتماعه معهم، أمس الثلاثاء. ورحب الحاضرون بالوثيقة مع بعض
التحفظات، فيما فتح الإسلاميون النار على الاجتماع والوثيقة، واعتبروها بلا
قيمة.
وأعلن "السلمى" انتهاء مداولاته مع القوى السياسية، على أن
تعلن النتيجة خلال أيام، مؤكداً أن ما جاء بها سيكون ملزماً، وقال:
"الإلزام صفة وثيقة بالوثيقة، وعلى الذين امتنعوا عن الحضور- في إشارة
للإسلاميين - تحمل المسؤولية".
وتنص الوثيقة على أن الشعب هو مصدر
السلطات، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال المصادرة على إرادته بوضع مبادئ فوق
دستورية لا تتغير، وتحدد تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد
بـ١٠٠ عضو، منهم ٨٠ من خارج البرلمان، و٢٠ للأحزاب داخل البرلمان، بحد أقصى
٥ لكل حزب.
وتتضمن المسودة، التي نشرتها صحيفة المصري اليوم في
عددها اليوم الأربعاء إنشاء مجلس للدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية،
يختص بالنظر في وسائل تأمين البلاد وسلامتها، وتعطى المجلس الأعلى للقوات
المسلحة، دون غيره، حق النظر في كل ما يتعلق بشؤون الجيش ومناقشة بنود
ميزانيته، على أن يتم إدراجها رقم واحد في موازنة الدولة، ويختص دون غيره
بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة.
وخلال الاجتماع الذى
حضره وزراء السياحة والصحة والثقافة وممثلو أحزاب التجمع والجبهة والإصلاح
والمصري الديمقراطي والوفد والمصريين الأحرار والتحرير، وغابت عنه
التيارات والأحزاب الإسلامية، أعلن الحاضرون موافقتهم المبدئية على
المسودة، لكنهم تمسكوا بتعديل المادة التاسعة الخاصة بالقوات المسلحة، بحيث
تسمح للجنة الأمن القومي بمجلس الشعب بالرقابة عليها ومناقشة ميزانيتها.
وأكد الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب، عضو حزب المصريين الأحرار، تأييد المثقفين المسودة مع تحفظهم على المادة التاسعة.
وشهد
الاجتماع انسحاب حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وقال
لـ"المصرى اليوم»: «خرجت لأن غالبية الحضور من فلول الحزب الوطني المنحل،
الذين هاجموا جماعة الإخوان المسلمين، كما لو كان هذا هو سبب الاجتماع،
فضلاً عن وجود ٧ ملاحظات له على المسودة تتعلق باختصاص الهيئات القضائية
والمجلس العسكري بنظر كل ما يتعلق بشؤونها، مما يجعل مجلس الشعب بلا قيمة،
فضلاً عن أنها تقيد حرية الرأي والتعبير والإعلام، وتلغى نسبة الـ٥٠٪ عمال
وفلاحين، وتجاهلت مبادئ العدالة الاجتماعية التي قامت الثورة من أجلها».
في
المقابل، شنت التيارات الإسلامية هجوماً حاداً على المشاركين في الاجتماع،
ويعقد التحالف الإسلامي الذى يضم أحزاب البناء والتنمية التابع للجماعة
الإسلامية والنور والأصالة السلفيين اليوم مؤتمراً صحفياً للرد على
الاجتماع، وقال المهندس عاصم عبد الماجد: "اجتماع (السلمى) يعكس حالة
التخبط التي تعيشها الحكومة"، مؤكداً أن أي قرارات يتم اتخاذها حالياً
سيبطلها البرلمان.
وأعلن 15حزبًا سياسيًّا مشاركا في مؤتمر التحالف
الديمقراطي بمقر حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان
المسلمين ،عن رفضها "وثيقة المبادئ فوق الدستورية" كما طالبوا بإقالة
السلمي ، وهددت بتنظيم مليونيات شعبية حتي يتم التراجع عن الوثيقة.
كما
طالبت جماعة الإخوان المسلمين، في بيان لها عصر اليوم، بإقالة الدكتور على
السلمى نائب رئيس الوزراء، في أول رد فعل على مسودة وثيقة "إعلان المبادئ
الأساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة" التي طرحتها الحكومة ممثلة في
السلمى على الأحزاب والقوى السياسية أمس الثلاثاء، كما طالبت، بإقالة
الحكومة حال أصرت على هذا المسلك.
وقال الدكتور أحمد أبو بركة،
المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين:
"أي اتفاق سيوقع عليه على السلمى مع الأحزاب التي حضرت لا قيمة له،
والحكومة والمجلس العسكري لا يملكان إصدار تشريع بوثيقة تحدد معايير اختيار
اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد".
واعتبر «أبوبركة» الاجتماع
محاولة من البعض للقفز على السلطة وإعادة إنتاج الاستبداد الذى مورس على
الشعب المصري طوال الـ٦٠ عاماً الماضية.