حروف العطف
حروف العطف هي تسعة :
الواو: تعطف الاسم على ما قبله وهي لتجمع: أتت الأم وابنتها وأختها.
الفاء: تستعمل للعطف والترتيب الذي هو نوعان: نوع يفيد الترتيب في المعنى (يكون المعطوف لاحقًا ومتصلاً بلا مهلة: خلقك فسواك فعدلك) وآخر يفيد الترتيب مع التعقيب (خرج الطبيب فالمريض).
ثُّم: هو حرف للعطف والترتيب ولكن مع التراخي في الزمن بين المعطوف والمعطوف عليه: جاء سمير ثم أحمد.
أو: للتخيـير أو الشك: أكل الطعام الأب أو الابن.
أم: حرف عطف يفيد طلب التعيين: أجلب هذه أحمد أم إيمان؟
لا: حرف عطف يفيد نفي الحكم عن المعطوف: اشتريت الخبز لا اللبنة.
لكن: تفيد الاستدراك وهي عاطفة على ما قبلها: ما قام أحمدٌ لكن إيمان.
بل: تفيد إبطال المعنى الذي قبلها: جاء الأستاذ بل المدير.
حتى: وهو يفيد الغاية: قدم التلاميذ حتى الأستاذ.
التربية والتعليم.. ما سرّ حرف العطف بينهما؟
[فقط الأعضاء المسجلين يمكنهم مشاهدة الروابط. إضغط هنا للتسجيل...]
محمد الصادق محمد عمر الفردلي*
قبل أن أشرع في تناول هذا الموضوع الذي لا يزال مطروحاً علي بساط البحث، أجد نفسي مضطراً إلى تقديم مشاهد حقيقية أنقلها من واقع صف دراسي حيث هناك معلم ومتعلمون.
1ـ المعلم الأول: يعتني كلّ العناية بتقديم دروسه مركزاً على الجانب المعرفي المتصل بالمعارف والمفاهيم والمهارات فقط.
2ـ المعلم الثاني: لا يركز كثيراً على المعلومات والمفاهيم بقدر ما يركز على سلوكات المتعلمين وتعاملهم الحيني فيما بينهم.
3ـ المعلم الثالث: يخطط لدروسه، يحدِّد الأهداف المناسبة، يوجه اهتمامات المتعلمين نحو المعلومات والمفاهيم ويركز عليها ولا يغفل عن إيلاء عناية فائقة بسلوكاتهم وأخلاقهم مستغلاً المواقف الأخلاقية الواردة بدروسه وكذلك المواقف الحية بمحيطه المدرسي.
أمامنا ثلاث وضعيات بالإمكان ملاحظتها من خلال المشاهد التعليمية الثلاثة.
فأيهما أنسب وأفضل وأجدر بأن تكون مثالاً يحتذى؟
ـ لا يختلف اثنان في كون الوضعية الثالثة هي الأرقى والأسمى والأنفع؛ ذلك أنها تحقق أهدافاً معرفية وأخرى سلوكية قيمية في حين واحد.
فالمعلم من خلال تثبيته للمفاهيم العلمية والاجتماعية أو الظواهر اللغوية والتركيز عليها يستغل المواقف الواردة بالنصوص والوثائق أو البحوث الداعمة والتجارب العلمية الهادفة ليستثمرها أخلاقياً وروحياً بما ينفع المتعلمين في تعاملهم وسلوكهم مثلما استثمرها علمياً.
وهكذا يتجلى من خلال هذا الفعل التعليمي اقتران المعرفة بالخلق وتلازم العلم والتربية تلازماً يجعل التربية بالضرورة ضمن العملية التعليمية وملتحمة بها كل الالتحام ومحتواة فيها، رغم أنَّ التربية في مفهومها الواسع والشامل تتضمَّن الهاجس التعليمي وتوظفه "قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً * قال إنك لن تستطيع معي صبراً * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً * قال ستجدني إن شاء الله صابراً * ولا أعصي لك أمراً". وكذلك أيضاً يمكن القول أنَّ التعليم يتضمن بالضرورة الهاجس التربوي. فالمعلم الكفء هو المعلم ذو الخلق الأفضل يربي من خلال الفعل التعليمي تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه جلّ من قائل: "وإنك لعلى خلق عظيم".
يتضح جلياً من خلال ما تقدَّم أنَّ العلاقة بين التربية والتعليم علاقة جدلية تلازمية احتوائية متكاملة الأهداف والغايات، يشقّ على الباحث في شؤونهما أن يفصل بينهما إلا لضرورة البحث المعمَّق، رغم أنَّ لكل من التربية والتعليم أهدافاً خاصة ومميزة. ولا يمكن أن يجرنا مثل هذا الطرح إلى القول بأنَّ هذه الثنائية المتلازمة ثنائية معقدة تحول دون تحقيق أهداف معرفية وأخرى سلوكية خلال فترة دراسية واحدة وضمن مادة لغوية أو علمية أو اجتماعية. وليس هذا بعسير على معلم ذكي كيّس فطن حريص على التخطيط المسبق لدروسه فيسعى بوعي وجدّية إلى بثّ وإدماج مفاهيم سلوكية وأخلاقية تربوية من خلال المواد المبرمجة بعمله اليومي كلما سنح الموقف التعليمي بذلك. أعني عدم التعسف على المادة العلمية أو اللغوية أو الاجتماعية.
ولا أغالي إن قلت هي كثيرة نصوص القراءة التي تتضمَّن مواقف أخلاقية وعلائقية تجدر دراستها والوقوف عندها لدقائق محدودة إضافة إلى الشرح العادي والاستثمار اللغوي والفكري للنص. ومثل هذا التوجه يمكن أن ينسحب على الوضعيات والمسائل الحسابية التي ينبغي أن تتضمَّن مواقف وملامح أخلاقية وتربوية سلوكية إن أحسنّا اختيارها وأحكمنا استغلالها ووفقنا في اعتمادها ضمن المنهج الدراسي.
وبمثل هذا التعامل مع مواد التدريس نكون قد حققنا أمرين هامين، وهما المعرفة والتربية، العلم والأخلاق ـ أي أننا تمكنا بفضل الله وعونه من قرن التعليم والتعلم بالتربية ومن وصلهما ببعضهما مندمجين متآلفين متلازمين (وبذلك يكون مثل العصفورين واقعاً: أي ضرب عصفورين بحجر واحد).
وبمثل هذا النّفس التربوي الجاد المتواصل يمتلك الطلاب المعرفة، ويتعلمون في الوقت نفسه كيف يكبحون جماح النفس وكيف يسيطرون على غرائزهم ليرتقوا بذواتهم إلى عالم الفضيلة والمثل متسلحين بالعلم ومحاطين برعاية روحية وعناية ربانية.. وهكذا يتكرر هذا النسق التعليمي المبني على الوعي؛ الوعي بما هو روحي ومعرفي كلّما تهيأت الفرص والمناسبات لمثل هذا التدامج والتكامل بين ما هو تعليمي وما هو تربوي.
ـ هذا إضافة إلى ما يمكن استثماره تربوياً وأخلاقياً من خلال وحدة المواد الإسلامية من توحيد وفقه وحديث.. مما يمكِّن المتعلم من تشرّب وتمثّل مفاهيم أخلاقية واجتماعية سامية يتكيَّف مع مضامينها وأهدافها تدريجياً إلى أن تستحيل سلوكاً ينشأ عليه نشأة عقلية روحية متوازنة، فيغدو قادراً على التمييز بين الخير والشر وبين الحق والباطل فيتبع الخير والحق ويتجنَّب كلّ ما هو شر وباطل، وبذلك يسلك طريق الفضيلة مستنيراً بالقدوة الصالحة، قدوة المربي الصالح النافع لناشئته ولبلده ولأمته.
وإنه لينشرح الصدر وتطمئن النفس عندما نتابع مشهداً تعليمياً تعلمياً يُخلِّل أو يُذيَّل ويعزّز بآية قرآنية تواكب وتدعم مضمون الموضوع المبرمج أو بحديث نبوي شريف أو بحكمة بليغة، أو بأمثلة أخلاقية هادفة عن السلف الصالح.
ويمكنني القول وكلي اطمئنان وثقة أنَّ هذه الخطوات التي يجدر أن تتبع ضمن هذا المسار التعليمي لتُفضي بكل تأكيد واقتناع إلى تحقيق مردود تربوي وحاصل معرفي متميزين مشرفين. وعلى هذا النحو من التعامل الواعي مع البرامج والمناهج نُخضع بكلّ ما أوتينا من قدرات تعليمية وذكاء وكياسة مواد التدريس إلى المنطق الشمولي في تنشئة طلابنا المتعلمين تنشئة شاملة متكاملة لا تقف عند حدود المعرفة فحسب، ولا تقف أيضاً عند حدود التربية فحسب، وإنما تحققهما معاً ومعاً لفائدة جيل عربي مسلم ينبغي أن يعيش قلباً وقالباً إنسانية الإنسان.
مرارةواو العطف
ديانا جبور
بالأمس انتهت أعمالمؤتمر عن الإرث الثقافي المتوسطي المشترك في روما برعاية الاتحاد الأوروبي.
كعربية انتابتنيبضعة موجات من المرارة, أولها بسبب الحضور الكمي المتواضع للسوريين, فمن أصل مئتيمدعو, كان هناك ثلاثة سوريين وان تمكنوا من تسجيل نوعية لافتة, فقد ترأس د. عبدالرزاق معاذ رئاسة إحدى الجلسات, كما اشترك د. نهاد عبد الله من جامعة اللاذقية فيعضوية أكثر من لجنة...
الأمر الآخر هوغياب اللغة العربية عن المحاضر أو حتى الموقع الالكتروني للمشروع, بما يتيح المجاللأصحاب المشاريع الثقافية الباحثة عن تمويل وهو غزير من استلام مفاتيح تشرع أمامهممزاليج أبواب تبدو مستعصية على الفتح للوهلة الأولى..
لكن أكثر مايؤلم وهو محصلة للاعتبار الثاني حضور واو العطف الظالمة لأنها تساوي بين إسرائيل منجهة والفلسطينيين من جهة ثانية, فعندما يعرض أحد المتحدثين لمشروع دعم متوازللرياضة في إسرائيل وفلسطين, لن تستطيع ان تحصن نفسك من الشعور بالغبن, فماذا يعنيتخصيص ميزانيات متساوية لجهة لا تخلو فيها مستوطنة من مسبح أولمبي, بينما تفتقدعموم الأراضي الفلسطينية لمنشأة بمواصفات أولمبية, هذا في حال سمح الظرف الأمنيبالبناء والاستفادة من هذه المنشأة...
ألا تبدوالمساواة في هذه الحالة ظالمة.. ظلم يجب ألا يدفعنا إلى تحميله على أكتاف الآخر, لأنه منفتح ويحتاج إلى من يعيد ترتيب مفردات المشهد أمامه, وكم أضعنا من فرص من قبلعندما استنكفنا عن حضور مثل هذه الفعاليات...
لكن اللقاء لنيفتقد إلى إشراقات, كالذي مثلته السيدة وزيرة الثقافة الجزائرية, فقد ألقت كلمةجمعت أقطابا يصعب تأمين اندغامها في حزمة واحدة, فقد امتازت بالعنفوان والتواضعوبالمنطق والعاطفة, فذكرت بالحوار الثقافي أو الحضاري بين أوروبا والدول العربيةمنذ العصور الوسطى, وألمحت إلى ضرورة التخلص من القناعات المسبقة, ولاسيما تجاهالإسلام الذي يقدم الآن على أنه الوجه الآخر للإرهاب, مع أنه دين مثل أي دين قديحمل المؤمنون به رايات العلم والسلم وقد يظن البعض أنهم يدافعون عنه إذ يرفعونحراب المعركة, لكن الدين في كل الحالات يبقى منزها عن تطرفهم, تماما كما يتنزهالدين المسيحي الحق عن محاكم التفتيش أو عن صعود أحزاب عنصرية فاشية أو نازية..
وكذا يلفت النظرإجماع المتصرفين بالمال على أهمية الثقافة لإزالة الحواجز الاقتصادية والسياسية.. بدهية ما أحوجنا إلى التعاطي معها بجدية.
واوات العطف ومعرض كتاب عمان - علي السوداني
حملت نفسي إلي معرض عمان التاسع للكتاب لأسباب كثيرة آخرها شراء كتاب جديد حيث عندي في مكتبة المنزل العامرة أزيد من سبعين كتاباً توزعت عناوينها علي القصة والرواية والنقد والشعر المنثور لم أقرأها بعد علي الرغم من أن معظمها قد زينت صفحته الأولي كلمات وإهداءات رقيقة وحميمة سطرت بأقلام مؤلفين أصدقاء أحبهم واحترمهم وأعشقهم وأجلهم وأقدر حبات العرق التي تصببت من جباههم وأمراض القلب التي استضافوها في زاوية منسية من الجسد، وتلف الأكباد وفلتان الأعصاب وعركات زمان ما بعد منتصف الليل حتي وصولا بنتاجهم إلي نقطة المنتهي أو مفردة (انتهي) بالتأنيث وبالتذكير، وتلك كلمة انقرضت أيضاً من خواتيم الكتب بسبب قصيدة النثر، كما انقرضت المقدمة التي تريح ركابها علي جملة أن الرب ولي التوفيق أو أن هذا الكتاب قد طبع من خراج وزارة المعارف وان لم يحدث هذا أو ذاك فستحتوي المقدمة حتماً علي تشكرات ومحبات وشعور بالذنب وبالعرفان للزوجة الرائعة التي سهرت الليالي تطبخ وتنفخ وتصنع فناجين القهوة واستكانات الشاي وتخفض صوت التلفزيون، وتكميم أفواه الأطفال وخداعهم وإغرائهم بفوائد النوم المبكر، والتضحية بمادة فيلم السهرة تحت ادعاء ان الفيلم قد بانت نهايته من تجليات الدقائق الثلاث الأولي حيث سيعيش البطل وينتصر حتي وإن ضُرب رأسه بحشوة مدفع عياره 175 ملم!.
أعود ثانية إلي معرض الكتاب وأعتذر في طريق عودتي تلك إلي ضحايا قراء هذا المقال لأنني اقترفت في مقدمته الاستهلاكية كمية هائلة من كلام فيه من الإسهاب والإطناب والحشو والتكرار والزائد والفائض والواقع في باب الثرثرة والحذلقة والفذلكة وتحميل ما لا يحتمل وقص ما لا يقص وقول ما لا ضرورة لقوله، وهنا عليّ ان أسرّكم بأن لا ذنب لي في هذا المط والإسهال في اللغة، إنما الجريرة تتحملها كاملة غير منقوصة، الصحيفة التي أنا واحد من عملائها حيث طلبت مني (عينك عينك) ان لا تقل المقالة التي أكتبها عن ستمائة وثلاث عشرة كلمة مستثناة منها حروف الجر وواوات العطف وحرف العلة ونائب الفاعل والفاعل المستتر الذي تقديره (هي) طمساً للحق وتغييباً قسرياً لدور المرأة في تشييد مجتمع حر وسعيد ومتفائل وأطفال يذهبون إلي المدارس، يرفعون العلم، ويتلون النشيد الوطني ويتسلمون معونة الشتاء والصيف ويمنحون أكفهم الغضة لعصا المعلم الذي كاد ان يكون رسولا!
في أول الحكي، أعلنت وصرحت ان موضوعي لهذه الساعة سيخصص لمعرض الكتاب، والآن أجدني زاحفاً نحو حاجز الستمائة كلمة، والمعرض فيه من القفشات والدروس والعبر والطرف والملح ما يكفي لإنتاج أربع مقالات تضمن مستقبلي حتي واقعة آخر الشهر.
رسالة كتبتها إلى أحد الاِخوان وسميتها بالقول المبين عن وجوب مسح الرجلين.
بسماللهالرحمن الرحيم
الحمدللهرب العالمين وصلاته علىسيدنا محمد رسوله خاتم النبيين وآله الطاهرين.
سألت ياأخي ـ أيدكاللهتعالى ـ في أن أورد لك من القول في مسحالرجلين ما يتبين لك به وجوبه وصحة مذهبنا فيه وصوابه ، وأنا أجيبك إلى ما سألت ،واُورد مختصراً نطلب ما طلبت بعوناللهوتوفيقه.
إعلم أن فرض الرجلين عندنا في الوضوء هو المسحدون الغسل ، ومن غسل فلم يؤد الفرض ، وقد وافقنا على ذلك جماعة من الصحابةوالتابعين ، كابن عباس(2)(رضياللهعنه) ،وعكرمة(3)وأنس ، وأبي العالية ، والشعبي وغيرهم.
ودليلنا على أن فرضهما المسح قولاللهتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلواوجوهكم وأيديكم إلى المرافق ، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين... )(4).
فتضمنت الآية جملتين ،صرح فيهما بحكمين ، بدأ في الجملة الاَولى بغسل الوجوه ، ثم عطفت الاَيدي عليها ،فوجب لها من الحكم بحقيقة العطف مثل حكمها.
ثم بدأ فيالجملة الثانية بمسح الرؤوس ، ثم عطف الاَرجل عليها ، فوجب أن يكون لها من الحكمبحقيقة العطف مثل حكمها ، حسبما اقتضاه العطف في الجملة التي قبلها.(5)
ولو جاز أن يخالف في الجملة الثانية بين حكم الرؤوسوالاَرجل المعطوفة عليها ، لجاز أن يخالف في الجملة الاُولى بين حكم الوجوهوالاَيدي المعطوفة عليها ، فلما كان هذا غير جائز كان الآخر مثله ، فعلم وجوب حملكل عضوٍ معطوف في جملة على ما قبله ، وفيه كفاية لمن تأمله.
فإن قال قائل : إنا نجد أكثر القراء يقرأون الآية بنصب الاَرجل ،فيكون الاَرجل في قراءتهم معطوفة على الاَيدي ، وذلك موجب للغسل.
قيل له : أما الذين قرأوه بالنصب من السبعة فليسوا بأكثر من الذينقرأوا بالجر ، بل هم مساوون لهم في العدد.
وذلك إن ابنكثير(6)، وأبا بكر(7)، وحمزة(Cool، عنعاصم(9)، قرأوا أرجلكم بالجر ، وابن عامر(10)،والكسائي(11)، وحفصاً(12)، عن عاصم ، قرأوا وأرجلكمبالنصب.
وقد ذكر العلماء بالعربية أن العطف من حقه أنيكون على أقرب مذكور دون أبعده ، هذا هو الاَصل ، وما سواه عندهم تعسف وانصراف عنحقيقة الكلام إلى التجوز ، من غير ضرورةٍ تلجىء إلى ذلك.
وفيه إيقاع للبس ، وربما صرف المعنى عن مراد القائل ، ألا ترى أن رئيساً لو أقبلعلى صاحب له ، فقال له : أكرم زيداً وعمراً ، واضرب بكراً وخالداً ، كان الواجب علىالصاحب أن يميز بين الجملتين من الكلام ، ويعلم أنه ابتداء في كل واحدةٍ منهماابتدأً عطف باقي الجملة عليه ، دون غير ، وأن بكراً في الجملة الثانية معطوف علىخالد ، كما أن عمراً في الجملة الاَولى معطوف على زيد.
ولو ذهب هذا المأمور إلى أن بكراً معطوف على عمرٍ ، لكان قد انصرف عن الحقيقةومفهوم الكلام في ظاهره ، وتعسف تعسفاً صرف به الاَمر عن مراد الآمر به ، فأداه ذلكإلى إكرام من أمر بضربه.
ووجه آخر ، وهو أن القراءة بنصبالاَرجل غير موجبة أن تكون معطوفة على الاَيدي ، بل تكون معطوفة على الرؤوس فيالمعنى دون اللفظ ، لاَن موضع الرؤوس نصب ، لوقوع الفعل الذي هو المسح ، وإنماانجرت بعارض وهو الباء ، والعطف على الموضع دون اللفظ جائز مستعمل في لغة العرب ،ألا تراهم يقولون : مررت بزيد وعمراً ، ولست بقائم ولا قاعداً ، قال الشاعر :
معاوي إننا بشر فاسجح
*
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
والنصب في هذه الاَمثلة كلها إنما هو العطف على الموضع دون اللفظ، فيكون على هذا من قرأ الآية بنصب الاَرجل ، كمن قرأها بجرها ، وهي في القرآنجميعاً معطوفة على الرؤوس التي هي أقرب إليها في الذكر من الاَيدي ، ويخرج ذلك عنطريق التعسف ، ويجب المسح بهما جميعاً والحمدلله.
وشيء آخر وهو : أن حمل الاَرجلفي النصب على أن تكون معطوفة على الرؤوس أولى من حملها على أن تكون معطوفة علىالاَيدي ، وذلك أن الآية قد قُرئت بالجر والنصب معاً ، والجر موجب للمسح ، لاَنهعطف على الرؤوس ، فمن جعل النصب إنما هو لعطف الاَرجل على الاَيدي ، أوجب الغسلوأبطل القراءة بالجر الموجب للمسح ، ومن جعل النصب إنما هو لعطف الاَرجل على موضعالرؤوس ، أوجب المسح الذي أوجبه الجر ، فكان مستعملاً للقرائتين جميعاً غير مبطلٍلشيء منهما ، ومن استعملهما فهو أسعد ممن استعمل أحدهما.
فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون استعمال القرائتين إنما هو بغسل الرجلين وهو أحوط فيالدين ، وذلك أن الغسل يأتي على المسح ويزيد عليه ، فالمسح داخل فيه ، فمن غسلفكأنما مسح وغسل ، وليس كذلك مَنْ مسح ، لاَن الغسل غير داخل في المسح.
قلنا : هذا غير صحيح ، لاَن الغسل والمسح فعلان ، كل واحد منهماغير الآخر ، وليس بداخل فيه ، ولا قائم مقامه في معناه الذي يقتضيه.
ويتبين ذلك أن الماسح كأنه قيل له : اقتصر فيما تتناوله من الماءعلى ما يندى به العضو الممسوح ، والغاسل كأنه قيل له : لا تقتصر على هذا القدر ، بلتناول من الماء ما يسيل ويجري على العضو المغسول.
فقدتبين أن لكل واحد من الفعلين كيفية يتميز بها عن الآخر ، ولولا ذلك لكان مَنْ غسلرأسه فقد أتى على مسحه ، ومن اغتسل للجمعة فقد أتى على وضوئه ، هذا مع إجماع أهلاللغة والشرع على أن المسح لا يسمى غسلاً ، والغسل لا يسمى مسحاً.
فإن قيل : لِمَ زعمتم ذلك ؟ وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنىقوله سبحانه : ( فطفق مسحاً بالسوق والاَعناق )(13)إلى أنه أراد غسل سوقها وأعناقها ، فسمى الغسلمسحاً.
قلنا : ليس هذا مجمعاً عليه في تفسير الآية ، وقدذهب قوم إلى أنه أراد المسح بعينه.
وقال أبوعبيدة(14)والفراء(15)وغيرهما أنه أراد بالمسح الضرب.
وبعد فإن من قال إنه أراد بالمسح الغسل لا يخالف في أن تسميةالغسل مسحاً مجازاً واستعارة ، وليس هو على الحقيقة ، ولا يجوز لنا أن نصرف كلاماللهتعالى عن حقائق ظاهره إلا بحجةٍ صارفة.
فإن قال : ما تنكرون من أن يكون جر الاَرجل في القراءة إنما هولاَجل المجاورة لا للنسق ، فإن العرب قد تعرب الاسم بإعراب ما جاوره ، كقولهم : (جحر ضب خرب) ، فجروا خرباً لمجاورته لضب ، وإن كان في الحقيقة صفةً للجحر لا للضب، فتكون كذلك الاَرجل إنما جرت لمجاورتها في الذكر لمجرور وهو الرؤوس ، قال امروءالقيس :
كأنَّ ثبيراً في عرانين وبله
*
كبير اُناسٍ في بجادٍ مزمل(16)
فجر مزملاً لمجاورتهلبجاد ، وإن كان من صفات الكبير ، لا من صفات البجاد ، فتكون الاَرجل على هذامغسولة وإن كانت مجرورة.
قلنا : هذا باطل من وجوه،
أولها : اتفاق أهل العربيةعلى أن الاِعراب بالمجاورةشاذ نادر لا يقاس عليه ، وإنما ورد مسموعاً في مواضع لا يتعداها إلى غيرها ، وماهذا سبيله فلا يجوز حمل القرآن عليه من غير ضرورة يلجىء إليه.
وثانيها : أن المجاورة لا يكون معها حرف عطف ، وهذا ما ليس فيهبين العلماء خلاف.
وفي وجود واو العطف في قوله تعالى (وأرجلكم) دلالة على بطلان دخول المجاورة فيه وصحة العطف.
وثالثها : أن الاِعراب بالجوار إنما يكون بحيث ترتفع الشبهة عن الكلام ، ولا يعترضاللبس في معناه ، ألا ترى أن الشبهة زائلة ، والعلم حاصل في قولهم (جحر ضب خرب) بأنخرباً صفة للجحر دون الضب.
وكذلك ما أنشد في قوله (مزمل) وأنه من صفات الكبير دون البجاد ، وليس هكذا الآية ، لاَن الاَرجل يصح أن فرضهاالمسح كما يصح أن يكون الغسل ، فاللبس مع المجاورة فيها قائم ، والعلم بالمراد منهامرتفع ،فبان بما ذكرناه أن الجر فيها ليس هو بالمجاورة والحمدلله.
فإن قيل : كيف ادعيتم أنالمجاورة لا تجوز مع واو العطف ؟ وقد قالاللهعزوجل : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب ، وأباريق )(17)ثم قال : ( وحور عين )(18) فخفضهن بالمجاورة ، لاَنهن يطفن ولا يطافبهن.
قلنا : أول ما في هذا أن القراء لم يجمعوا على جر (حور عين) ، بل أكثر السبعة يرى أن الصواب فيها الرفع ، وهم نافع ، وابن كثير ،وعاصم في رواية أبي عمرو ، وابن عامر ، وإنما قرأها بالجر حمزة والكسائي ، وفيرواية المفضل عن عاصم ، وقد حكى عن أبي عبيدة أنه كان ينصب ، فيقرأ (وحوراًعيناً).
ثم إن للجر فيها وجهاً صحيحاً غير المجاورة ، وهوأنه لما تقدم قوله تعالى : ( اولئك المقربون في جناتالنعيم )(19)عطف (بحور عين) على (جنات النعيم) ،فكأنه قال : هم في جنات النعيم ، وفي مقارنة أو معاشرةحور عين ، وحذفالمضاف(20).
وهذا وجه حسن ، وقد ذكره أبو عليالفارسي(21)في كتاب (الحجة في القرآن) واقتصر عليه دون ما سواه ، ولوكانللجر بالمجاورة فيه وجه لذكره.
فإن قيل : ما أنكرتم من أنتكون القراءة بالجر موجبة للمسح إلا أنه متعلق بالخفين لا بالرجلين ، وأن تكونالقراءة بالنصب موجبة للغسل المتعلق بالرجلين بأعيانهما ، فيكون للآية قراءاتانمفيدة لكلا الاَمرين ؟
قلنا : أنكرنا ذلك لاَنه انصراف عنظاهر القرآن والتلاوة إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة ، ولاأوجبته دلالة ، وذلك خطأ لا محالة.
والظاهر يتضمن ذكرالاَرجل بأعيانها ، فوجب أن يكون المسح متعلقاً بها دون غيرها ، كما أنه يتضمن ذكرالرؤوس ، وكان الواجب المسح بها أنفسها دون أغيارها ، ولا خلاف في أن الخفاف لايعبر عنها بالاَرجل ، كما أن العمائم لا يعبر عنها بالرؤوس ، ولا البراقع بالوجوه ،فوجب أن يكون الغرض متعلقاً بنفس المذكور دون غيره على جميع الوجوه.
ولو شاع سوى ذلك في الاَرجل حتى تكون هي المذكورة والمراد منسواها ، لشاع نظيره في الوجوه والرؤوس ، ولجاز أيضاً أن يكون قوله سبحانه : ( إنما جزاء الذين يحاربوناللهورسوله ،ويسعون في الاَرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف )(22)محمولاً على غير الاَبعاض المذكورة.
ولا خلاف في أن هذه الآية دالة بظاهرها على قطع الاَيدي والاَرجلبأعيانها ، وأنه لا يجوز أن ينصرف عن دليل التلاوة وظاهرها ، فكذلك آية الطهارةلاَنها مثلها.
فإن قيل : إن عطف الاَرجل على الاَيدي أولىمن عطفها على الرؤوس لاَجل أن الاَرجل محدودة كاليدين ، وعطف المحدود على المحدودأشبه بترتيب الكلام.
قلنا : لو كان ذلك صحيحاً لم يجز عطفالاَيدي وهي محدودة على الوجوه وهي غير محدودة في وجود ذلك ، وصحة اتفاق الوجوهوالاَيدي في الحكم مع اختلافهما في التحديد دلالة على صحة عطف الاَرجل على الرؤوس ،واتفاقهما في الحكم وإن اختلفا في التحديد.
على أن هذاأشبه بترتيب الكلام مما ذكره الخصم ، لاَناللهتعالىذكر عضواً ممسوحاً غير محدود ، وهو الرأس ، وعطفه عليه من الاَرجل بممسوح محدود ،فتقابلت الجملتان من حيث عطف فيهما مغسول محدود على مغسول غير محدود وممسوح محدودعلى ممسوح غير محدود.
فأما من ذهب إلى التخيير وقال : أنامخير في أن أمسح الرجلين وأغسلهما ، لاَن القراءتين تدل على الاَمرين كليهما ، مثلالحسن البصري ، والجبائي ، ومحمد ابن جرير الطبري ومن وافقهم ، فيسقط قولهم بماقدمناه من أن القراءتين لا يصح أن تدلا إلا على المسح ، وأنه لا حجة لمن ذهب إلىالغسل ، وإذا وجب المسح بطل التخيير.
وقد احتج الخصوملمذهبهم من طريق القياس ، فقالوا : إن الاَرجل عضو يجب فيه الدية ، أمرنا بإيصالالماء إليه ، فوجب أن يكون مغسولاً كاليدين.
وهذا احتجاجباطل ، وقياس فاسد ، لاَن الرأس عضو يجب فيه الدية ، وقد أُمرنا بإيصال الماء إليه، وهو مع ذلك ممسوح ، ولو تُركنا والقياس ، لكان لنا منه حجة ، هي أولى من حجتهم ،وهي أن الاَرجل عضو من أعضاء الطهارة الصغرى ، يسقط حكمه في التيمم ، فوجب أن يكونفرضه المسح دليله القياس على الرأس.
فإن قالوا : هذاينتقض عليكم بالجنب ، لاَن غسل جميع بدنه وأعضائه يسقط في التيمم وفرضه مع ذلكالغسل .
قلنا : وقد احترزنا من هذا بقولنا إن الاَرجل عضومن أعضاء الطهارة الصغرى ، فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا.
فإن قال قائل : فما تصنعون في الخبر المروي عن النبي صلىاللهعليه وآله أنه توضأ ، فغسل وجهه وذراعيه ، ثم مسح رأسهوغسل رجليه ، وقال : هذا وضوء الاَنبياء من قبلي ، هذا الذي لا تقبل الصلاة إلا به؟
قيل : هذا الخبر الذي مختلط من وجهين رواهماأصحابك.
أحدهما : أن النبي صلىاللهعليه وآله توضأمرّة مرة ، وقال : هذا الذي لا يقبلاللهصلاة إلا به(23)ولم يأت في الخبر كيفيةالوضوء. والآخر ، أن النبي صلىاللهعليه وآله غسل وجههثلاثاً ، ويديه ثلاثاً ، ومسح رأسه ، وغسل رجليه إلى الكعبين ، وقال : هذا وضوئيووضوء الاَنبياء من قبلي(24)ولم يقل : لم يقبلاللهصلاة إلا به ، فخلطت في روايتك أحد الخبرين بالآخر ،لبعدك من معرفة الاَثر.
وبعد فلو كانت الرواية على ماأوردته لم يكن لك فيها حجة ، لاَن الخبر إذا خالف ما دل عليه القرآن وجب اطراحهوالمصير إلى القرآن دونه.
ولو سلمنا لك باللفظ الذي تذكرهبعينه ، كان لنا أن نقول : إن النبي صلىاللهعليه وآلهمسح رجليه في وضوئه ثم غسلهما بعد المسح لتنظيف أو تبريد أو نحو ذلك مما ليس هوداخلاً في الوضوء ، فذكر الراوي الغسل ولم يذكر المسح الذي كان قبله ، إما لاَنه لميشعر به بعدم تأمله ، أو لنسيان اعتراضه ، أو لظنه أن المسح لا حكم له ، وأن الحكمللغسل الذي بعده ، أو لغير ذلك من الاَسباب ، وليس هذا بمحالٍ.
فإن قال : فقد روي عن النبي صلىاللهعليه وآله أنه قال : ويل للاَعقاب من النار(25)فلو كان ترك غسل العقبفي الوضوء جائزاً لما توعد على ترك غسله.
قلنا : ليس فيهذا الخبر ذكر مسح ولا غسل فيتعلق به ، ولا فيه أيضاً ذكر وضوء فنورده لنحتج به ،وليس فيه أكثر من قوله : ويل للاَعقاب من النار.
فإن قال : قد روي أنه رآها تلوح ، فقال : ويل للاَعقاب من النار.(26)
قيل : له : وليس لك في هذا أيضاً حجة ، ولا فيه ذكر لوضوء فيطهارة ، وبعد فيجوز أن يكون رأى قوماً غسلوا أرجلهم في الوضوء عوضاً عن مسحها ،ورأى أعقابهم يلوح عليها الماء ، فقال : ويل للاَعقاب من النار.
ويجوز أيضاً أن يكون رأى قوماً اغتسلوا من جنابة ولم يغمس الماءجميع أرجلهم ، ولاحت أعقابهم بغير ماء ، فقال : ويل للاَعقاب من النار.
ويمكن أيضاً أن يكون ذلك في الوضوء لقوم من طغام العرب مخصوصين ،كانوا يمشون حفاة ، فتشقق أعقابهم ، فيداوونها بالبول على قديم عادتهم ، ثميتووضأون ولا يغسلون أرجلهم قبل الوضوء من آثار النجس ، فتوعدهم النبي صلىاللهعليه وآله بما قال : وكل هذا في حيِّز الاِمكان.
ثم يقال : له : وقد قابل ما رويت أخبار ، هي أصح واثبت في النظر ،والمصير إليها أولى لموافقة ظاهرها لكتاباللهتعالى.
فمنها : إن النبي صلىاللهعليه وآله قام بحيث يراه أصحابه ، ثم توضأ ، فغسل وجههوذراعيه ، ومسح برأسه ورجليه.(27)
ومنها : أناميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال للناس في الرحبة : ألا أدلكم علىوضوء رسولاللهصلىاللهعليه وآله ؟ قالوا : بلى.
فدعا بقعب فيه ماء ، فغسل وجههوذراعيه ، ومسح على رأسه ورجليه ، وقال : هذا وضوء من لم يحدثحدثاً.(28)
فإن قال الخصم : ما مراده بقوله : وضوء من لم يحدث حدثاً ؟وهل هذا إلا دليل على أنه قد كان على وضوء قبله ؟
قيل له : مراده بذلك أنه الوضوء الصحيح الذي كان يتوضأ رسولاللهصلىاللهعليه وآله ، وليسهو وضوء من غيَّر وأحدث في الشريعة ما ليس منها.
ويدل علىصحة هذا التأويل وفساد ما توهمه الخصم أنه قصد أن يريهم فرضاً يعولون عليه ،ويتقيدون به فيه ، ولو كان على وضوء قبل ذلك ، لكان لم يعلمهم الفرض الذي هم أحوجإليه.
ومن ذلك ما رُوي عن أميرالمؤمنين عليه السلام منقوله : ما نزل القرآن إلا بالمسح(29)، ولا يجوز أن يكون أراد بذلك إلامسح الرجلين ، لأن مسح الرؤوس لا خلاف فيه.
ومنه قول ابنعباس رحمه الله : نزل القرآن بغسلين ومسحين(30).
ومن ذلك إجماع آل محمد عليهم السلام على مسح الرجلين دون غسلهما ،وهم الاَئمة والقدوة في الدين ، لا يفارقون كتاباللهعزوجل ، إلى يوم القيامة(31)وفيما أوردناه كفاية والحمدلله.
فإن قال قائل : فلِمَ ذهبتم فيمسح الرأس والرجلين إلى التبعيض ؟
قيل له : لما دل عليهمن ذلك كتاباللهسبحانه وسنة نبيه صلىاللهعليه وآله ، أما دليل مسح بعض الرأس فقولاللهتعالى : ( وامسحوا برؤوسكم )(32) فأدخل الباء التي هي علامة التبعيض ، وهي التيتدخل على الكلام مع استغنائه في إفادة المعنى عنها ، فتكون زائدة ، لاَنه لو قال : ( وامسحوا رؤوسكم ) لكان الكلام صحيحاً ،ووجب مسح جميع الرأس ، فلما دخلت الباء التي لم يفتقر الفعل في تعديته إليها أفادتالتبعيض.
وأما دليل مسح بعض الاَرجل ، فعطفها على الرؤوس، والمعطوف يجب أن يشارك المعطوف عليه في حكمه.
وأما شاهدذلك من السنة فما رُوي أن رسولاللهصلىاللهعليه وآله توضأ ومسح بناصيته ولم يمسح الكل.
ومن الحجة على وجوب التبعيض في مسح الرؤوس والاَرجل إجماع أهلالبيت عليهم السلام على ذلك وروايتهم إياه عن رسولاللهجدهم ، وهم أخبر بمذهبه.
فإن قال قائل : ما الكعبان عندكماللذان تمسحون عليهما ؟
قيل له : العظمان النابتان في ظهرالقدمين عند عقد الشراك ، وقد وافقنا على ذلك محمد بن الحسن(33)دون منسواه.
دليلنا ما رواه أبان بن عثمان عن ميسر عن أبي جعفرعليه السلام أنه قال : ألا أحكي لك وضوء رسولاللهصلىاللهعليه وآله ، ثم انتهى إلى أن قال : فمسح رأسهوقدميه ، ثم وضع يده على ظهر القدم.(34)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://jofirst.ahlamontada.net