إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونستهديهِ ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصdهما فإنَّه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً ...أقدم لكم هذا الموضوع
وهي تحت عنوان || خواتيم الصيام ||
خواتيم الصيام
المصدر: الأهرام المسائى
بقلم:
أحمد عبده عوض لابد
للمسلم أن يكون عاش حياة إيمانية طيبة تذوق فيها حلاوة الإيمان، واستشعر
فيها بمعني الحياة الطيبة [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَي
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: 97].
وقد تكون
بعض النفوس قد تشربت بعض معاني الإيمان، ومعاني الصيام وهي تتمني أن يكون
العام كله رمضان، وذلك لما أدركوه من نعم عظيمة في هذا الشهر الكريم خاصة
بعد أن ارتقت أرواحهم في ليلة القدر واستشعر المسلم بتناثر خطاياه، ودخوله
في رحمة الله تعالي، وهو ما كان يطمح إليه قبل رمضان فإذا ما أدركه الآن
فهو أشبه بالظمآن وقد ارتوي، والجوعان وقد شبع، [وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ
يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)] الشعراء
ولأن الأمور بالخواتيم كما قال النبي صلي الله عليه وسلم، كما ورد في صحيح البخاري
[وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا] [أخرجه البخاري في صحيحه، 6493]
فإن
أفضل ما يختم به للصائم أن يندم علي كل لحظة لم يغتنمها في رمضان، ويتأسف
علي كل طاعة أتته في رمضان، ويتمني لو أن أيام رمضان قد طالت حتي يدرك ما
فاته، وهذه علاقة الخيرية وإحدي علامات قبول الصيام التي أشرنا إليها في
مقال سابق.
وأما الذي يخرج من رمضان شاكيا حاله فرحا بانقضاء الشهر
وذهاب أيامه ولياليه ومتضايقا من طول يومه في رمضان، ومن قلة نومه في ليالي
رمضان وحزينا علي كثرة النفقات في رمضان فهذا لم يشبع من الخير، ولن يزداد
في رمضان إلا بعد أن تدركه رحمة الله تعالي في المستقبل [عَسَي رَبُّكُمْ
أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ
لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)] [الإسراء ] والحالة العامة عندنا جميعا هي
حالة الخلط في الأعمال، كما قال تعالي [وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا
بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَي اللَّهُ
أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)] التوبة.
وهذه
الحالة معناها أن الإنسان وقد انتهي رمضان فإنه قد ختم مرحلة جميلة من
حياته من ارتفاع الهمة والرغبة في رحمة الله تعالي، ثم يستأنف شهر شوال
المبارك بصفحة جديدة عنوانها [وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ]
بمعني أن أبواب الخير رغم انتهاء رمضان لكنها لا زالت مفتوحة أمام العباد
الذين لم يدركوا الخيرية في رمضان ؛ ومنها الأيام الست الأُول من شوال"مَنْ
صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ
الدَّهْرِ"[أخرجه مسلم في صحيحه، 1164]،
وهي استكمال للأعمال الناقصة
التي لم يجتهد فيها الصائم في رمضان ولم يكن فيها بالحضو القلبي والذهني
الذي يؤدي به إلي الحصول علي الأجر كاملا، ولذا فإن الصائم مع فرحه بقبول
صيامه فهو فرح بفضل الله عليه [قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)] [يونس]
وهكذا
تبقي حياة المسلم بين رغبة ورهبة، بين استقبال للأيام واستدبار للآمال،
بين بكاء علي زمن مضي يتحسر علي فواته، وبين أمل في أيام صالحات يبايع فيها
ربه أن تكون أيامه كلها طاعات متجددة ومسارعة إلي الخيرات، كما قال تعالي
[إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا
وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)] [الأنبياء]
اللَّهُمَّ يَا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ارْحَمْنِي، وَيَا غِيَاثَ المُسْتَغِيثِينَ
أَغِثْنِي وَيَا مُدْرِكَ الهَالكِينَ أَدْرِكْنِي، إِلَيْكَ فَوَّضْتُ
أَمْرِي وَانْتَهَي سَيْرِي وَلَمْ أَرْجُ لِكَشْفِ البُؤْسِ وَالضُّرِّ
سِوَاكَ يَا رَبِّي يَا فَتَّاحًا بِالخَيْرِ.
اللَّهُمَّاحْفَظْنِي فِي
دِينِي أَنْ أُفْتَنَ فِيهِ، وَاحْفَظْنِي فِي اعْتِقَادِي أَنْ أُفْتَنَ
فِيهِ، وَاكسني حُلَّةً تُبَاهِي بِهَا المَلَائِكَةَ المُقَرَّبِينَ.