يقول تبارك وتعالى: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 1-2]. ويقول
أيضاً: (أَقِمِالصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ
وَقُرْآَنَ الْفَجْرِإِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء:
78]. ويقول جل وعلاعن ليلة القدر: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ
الْفَجْرِ)[القدر: 5]. نلاحظ في هذه الآيات أن الله تعالى يقسم بظاهرة
"الفجر"ويأمر بتلاوة القرآن في وقت الفجر... فما هو سر هذه الظاهرة؟
تتميز
فترة بداية طلوع الشمس بأن الجو يكونمشحوناً بالأكسجين النقي، وتكون
الأشعة الصادرة من الشمس في هذا الوقت خفيفةومفيدة للعين، لأنها لا تصل
مباشرة إلى العين بل نتيجة انعكاسات متعددة. وبما أنالله تعالى أقسم
بالفجر، والله لا يقسم إلا بعظيم، فلابد أن تتميز ظاهرة الفجربأشياء عجيبة
وأن يكون لها منافع على حياة البشر، وهذا ما وجده العلماء أخيراً.
فقد
أكدت مجموعة من العلماء البريطانيين أنجهازاً يقلّد ويحاكي أجواء الفجر قد
يساعد على تقليص الإحساس بالكآبة المرتبطةبفقدان الشمس خلال الشتاء. ويزعم
العلماء أن الآلة الجديدة، التي تقوم برفعمستويات الضوء خلال النوم، تشكل
علاجاً فعالاً لحالة الاكتئاب التي تدعى"الاضطراب العاطفي الموسمي (إس آي
دي)" . وتدعم دراسة نشرت في مجلة الطبالنفسي الأمريكية اختراعات تقوم ببث
جزيئات أوكسجين مشحونة بشوارد سالبة (إيونات).ويؤثر الواقع الذي يمكن أن
تحدثه الآلة الجديدة على حياة الكثير من البشر.
وينصح الخبراء الآن
بأنواع من العلاج، كالعلاجبالضوء وتغيير النظام الغذائي وزيادة التمارين
الرياضية للتغلب على المشكلة.فالتعرض لأشعة الشمس يساعد الجسم على إنتاج
مادة السيروتونين، وهي مادة كيماويةتعزز مشاعر الارتياح لدى الإنسان. ويمضي
العديد من الأشخاص الذين يعانون منالاكتئاب الشتوي قرابة ثلاثين دقيقة أو
أكثر يومياً يجلسون خلالها تحت مصباح نورباهر ليتمكَّنوا من التغلب على
حالة إس آي دي، إلا أن "آلة محاكاةالفجر" هذه تعمل عندما يكون الشخص نائما.
وتعمل الآلة الجديدة على إعادة إنتاج مستوياتالضوء التي ترتفع بشكل
تدريجي خلال النهار، بينما تحاول الأيونات على محاكاةالظروف الجوية خارج
المنزل. ويقول الدكتور مايكل تيرمان، الذي أشرف على دراسةالآلة الجديدة،
إنه قدم خمسة أنواع مختلفة من العلاج لـ 99 متطوعاً يعانون مناكتئاب إس آي
دي، وهي العلاج بالنور التقليدي بعيد الاستيقاظ، ونوعان من التحريضبآلة
الفجر الجديدة، ونوعان من العلاج بالأيونات المشحونة بشحنات سلبية.
وكانتالنتيجة أن كان العلاج بنوع واحد من التعرض للتحريض من خلال آلة الفجر
ونوعاً آخرمن العلاج بالأيونات على نفس الدرجة من النجاح.
يعتبرضوء
الفجر الأزرق من أفضل الألوان وأكثرها راحة للعين، ويؤكد العلماء أن وقت
الفجرهو الوقت المناسب للتفكير والإبداع وصفاء الذهن، ولذلك فإن الاستيقاظ
في وقت الفجرله فوائد طبية كثيرة، وذلك لعلاج مختلف الاضطرابات النفسية
وعلى رأسها اضطراباتالنوم.
إشارات قرآنية رائعة
بالنسبة للعلاج بضوء
الفجر فقد وجدالعلماء نتائج كثيرة ومبهرة لفوائد التعرض لنور الفجر وانتشار
الأكسجين في هذهالفترة، ولذلك فقد أقسم الله تعالى بالفجر فقال:
(وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 1-2]. ولا ننسى أن صلاة الصبح من
الصلواتالمهمة جداً، فقد فرض الله هذه الصلاة في وقت ظهور أول الفجر ليكون
المؤمن يقظاًولا يفوته الخير الكثير.
فالصلاة في المسجد تمنح المؤمن
أثناءمسيره وعودته قدراً كافياً من ضوء الفجر وبالتالي نجد المؤمن الذي
يحافظ على صلاةالصبح في المساجد، يتمتع بصحَّة أفضل ويعيش حياة مستقرة.
وهناك الكثير من الحالاتالنفسية التي فشل الطب في علاجها، ولكن بعض الأطباء
نصح المرضى بالاستيقاظ مبكراًوالتعرض قليلاً لضوء الفجر، وكانت النتائج
مذهلة، حيث زال التوتر النفسي واختفىالقلق واضطرابات النوم بسرعة!
ومن
هنا ندرك أن الله عندما أمرنابالمحافظة على الصلوات ومنها الصلاة الوسطى،
إنما يريد لنا الخير والصحة الجيدةويريد أن يبعدنا عن الاضطرابات النفسية
والقلق! (وقد قيل بأن الصلاة الوسطى هيصلاة الصبح)، يقول تعالى: (حَافِظُوا
عَلَى الصَّلَوَاتِوَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)
[البقرة: 238].
ولذلك أنصح كل من يعانيمن اضطرابات في النوم، أو لا
يتمكن من النوم إلا بعد عدة ساعات، أو يرى أحلاماًمزعجة، أو لديه قلق
ووساوس... أن يستيقظ في وقت صلاة الصبح ثم يذهب إلى المسجدلأداء الصلاة، ثم
يقرأ القرآن حتى تطلع الشمس، ويحافظ على هذه العادة الرائعة وسوفيزول عنه
كل ما يعانيه بإذن الله تعالى.